قراءة البسملة في الصلاة

03-04-2004 
سائل - الجزائر  
المفـتي:الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف 
 
السؤال:
ماهو حكم قراءة البسملة في الصلاة ؟
 
الجـواب:
أما في غير الفرائض الخمس فاتفقوا على الجواز سرا في السر، وجهرا في الجهر، وكذلك التعوذ، غير أن هذا الأخير في الركعة الأولى فقط لقوله تعالى من سورة الإسراء: "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم"(1)، ومن المعروف أنه يكون في افتتاح التلاوة، وسواء كان ذلك في الصلاة أو خارجها. وأما البسملة فالجواز بها في النافلة سواء كانت في الفاتحة أم السورة، وكراهتها في الفرض سواء كانت في الفاتحة أم السورة، وقد اعتمد مالك هذا من حديث عبد الله بن مغفل، قال: سمعني أبي وأنا أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم فقال: "يا بني إياك والحدث، فإني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فلم أسمع رجلا منهم يقرأها"(2)، وما رواه في موطئه من حديث أنس أنه قال: ((قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان، فكلهم كانوا لا يقرأون بسم الله الرحمن الرحيم))(3). غير أن هذين الأثرين حكم العلماء عليهما بالاضطراب. أما أحدهما فسقط العمل به. وأما الآخر فحكموا بضعفه فسقط كذلك. أما الأول فقد ذكر أبو عمر بن عبد البر فقال فيه: ((ابن المغفل رجل مجهول))، وأما الثاني فقال فيه: ((إن أهل الحديث قالوا: إن النقل فيه مضطرب اضطرابا لا تقوم به حجة، وذلك أنه مرة روى عنه أنس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومرة لم يرفع، ومنهم من يذكر عثمان ومنهم من لا يذكره، ومنهم من يقول: فكانوا لا يقرأون بـ بسم الله الرحمن الرحيم، ومنهم من يقول: فكانوا لا يجهرون بـ بسم الله الرحمن الرحيم))، فسقط العمل به لهذا الاضطراب، ووجب المصير إلى غيره. فهذا ما اعتمده مالك وأصحابه. وأما أبو حنيفة رحمه الله فيقرأ بها سرا استحبابا، ومعتمده في ذلك ما جاء في حديث نعيم بن عبد الله المجمر قال: "صليت وراء أبي هريرة رضي الله عنه فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم قبل أم القرآن وقبل السورة، وكبر في الـخـفض والرفع، وقال: أنا أشبـهـكـم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم"(4). ومن ذلك ما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بـ بسم الله الرحمن الرحيم"(5)، ومن ذلك حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم"(6). وقد نص شراح مختصر خليل كالدردير(7) والخرشي(8) وغيرهما على أن المصلي إذا قصد بقراءتها السنة جاز له قراءتها، غير أنه لا يجهر بها خروجا من الخلاف، وهذا كله في الصلاة المفروضة، وأما النافلة فالجواز باتفاق الجميع. وسبب اختلافهم هذا ناشئ عن اختلافهم في البسملة.. هل هي آية من الفاتحة أم لا؟ فذهب الشافعي إلى أنها آية من الفاتحة، وعليه فمن لم يقرأها بطلت صلاته لنقص آية من الفاتحة، وعلى مذهبه فتجب قراءتها على الإمام والمأموم على السواء، غير أن المأموم إذا وجد الإمام راكعا كبر للإحرام ورفع معه لاضطراره لتركها حينئذ، وفي تلك الحالة يحملها الإمام عنه، فتجب قراءتها مع السعة في الوقت عنده. ومذهب مالك أنها ليست من الفاتحة ولا آية من أي سورة من سور القرآن الكريم، بل هي عنده جزء آية من قوله سبحانه: "وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم" (9)، وذلك ما عدا سورة النمل وهي: "إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين"(10). والأوفق للصواب أن تقرأ سرا خروجا من الخلاف، كما يقرأ بها أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله، والله الموفق. -------------------- (1) سورة النحل/98. (2) أخرجه الترمذي (2/12) [كتاب الصلاة/باب ما جاء في ترك الجهر بـبسم الله الرحمن الرحيم]، رقم 244، وقال: حديث حسن. والنسائي (2/472 ـ 473) [كتاب الافتتاح/باب في ترك الجهر بـبسم الله الرحمن الرحيم]، رقم 907. وابن ماجه (1/267 ـ 268) [كتاب إقامة الصلاة/باب افتتاح القراءة]، رقم 815. والإمام أحمد (5/55)، رقم 50578. (3) أخرجه مسلم (1/299) [كتاب الصلاة/باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة]، رقم 399/50. والإمام مالك في الموطأ (1/81) [كتاب الصلاة/باب العمل في القرءة]، رقم 30. (4) أخرجه النسائي (1/472) [كتاب الصلاة/باب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم]، رقم 904. والدارقطني (1/305 ـ 306) [كتاب الصلاة/باب وجوب قراءة البسملة]، رقم14، وقال: هذا إسناده صحيح، ورواته كلهم ثقاة. والحاكم (1/232) [كتاب الصلاة]ـ وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. (5) أخرجه الترمذي (2/14) [كتاب الصلاة/باب من رأى الجهر بـ بسم الله الرحمن الرحيم]، رقم 245، وقال: هذا حديث ليس إسناده بذاك ولفظ الترمذي عن ابن عباس: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته بـ بسم الله الرحمن الرحيم". والدارقطني (1/304) [كتاب الصلاة/باب وجوب قراءة البسملة]، رقم 8. (6) أخرجه الدارقطني (1/307) [كتاب الصلاة/باب وجوب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم]، رقم 21. (7) انظر: الشرح الكبير على مختصر خليل للدردير (1/251). (8) انظر: شرح الخرشي على مختصر الشيخ خليل (1/289). (9) سورة هود/41. (10) سورة النمل/30.

الصنف