شبه العمد والخطأ في القتل

19-04-2004 
سائل - الجزائر ا
المفـتي: الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف 
  السؤال: 
شبه العمد والخطأ في القتل
 
الجـواب:
إذا ثبتت بالبينة أن القاتل مصاب بأمراض عقلية، فهذا القتل متردد بين شبه العمد والخطأ، ففي موطأ الإمام مالك عن ابن شهاب أن دية قتل العمد وجناية المجنون مربعة [25 بنت مخاض و25 بنت لبون و25 حقة و25 جذعة]. كما اختلفوا على من تجب هذه الدية، فمالك وأبو حنيفة وجماعة رأوها على العاقلة، والشافعي رآها في مال القاتل، والسبب في اختلافهم هذا ترددهم في فعل غير المكلف بين العامد والمخطئ.. فمن غلب عليه شبه العمد كالشافعي قال:هي في ماله، ومن غلب عليه شبه الخطأ قال: هي على عاقلته. فظهر من هذا أن قتل غير المكلف متردد بين شبه العمد والخطأ، قال ابن كثير في تفسيره:((إن حكم عمد الخطأ ـ يقصد شبه الخطأ ـ حكم الخطأ المحض، وقال في الدية هنا: إنها تجب فيه أثلاثا لشبهة العمد فجعلها مغلظة))، ذكر هذا عند قوله سبحانه: "ومن قتل مؤمنا خطأ فتحر يـر رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا" (1)، وغيره فرق بين قتل العمد وقتل الخطأ وشبهه، فجعلها في الأول مغلظة ـ يعني أثلاثا على أهل الإبل [30 حقه و30 جذعة و40 خلفة حوامل]، وفي الخطأ وشبهه جعلها أخماسا [20 بنت مخاض و20 ابن ذكر و20 بنت لبون و20 جذعة و20 حقة]، أخرجه البخاري والترمذي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا في أصحاب الإبل وعلى أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الفضة اثنا عشر ألف درهم، وهو مذهب مالك، وقال أهل العراق: عشرة آلاف درهم، وأما الشافعي فكان بمصر لا يأخذ إلا قيمة الإبل بلغت ما بلغت. وعمدة مالك تقويم عمر من تقويمه الإبل على أهل الإبل بألف وعلى أهل الفضة باثني عشر ألف درهم، وعمدة العراقيين أيضا ما رووا أيضا عن عمر من تقويمه للدراهم بعشرة آلاف درهم، وأما الشافعي فيقول: إن أصل الدية إنما هو مائة بعير وعمر جعلها على أهل الذهب والفضة على النحو السابق، لأن ذلك كان قيمة الإبل في زمانه، والحجة له ماروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: "كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم، ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين. قال: فكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر رحمه الله، فقام خطيبا فقال: إن الإبل قد غلت، ففرضها على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفا، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشياه ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة. قال: وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية"(2)، وعلى هذا مشى أبو يوسف ومحمد والفقهاء السبعة المدنيون، وقد روي مثل حديث عمرو بن شعيب حديث آخر أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة عن عطاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ من بداية ابن رشد بتصرف وزيادة من غيره (3). ------------------------ (1) سورة النساء/92. (2) أخرجه أبو داود (4/184) [كتاب الديات/باب الدية كم هي ؟]، رقم 4542. وأخرج نحوه البيهقي في السنن الكبرى (8/77) [كتاب الديات/باب أعواز الإبل]. (3) انظر: بداية المجتهد لابن رشد الحفيد (/409 ـ 412)