03-04-2004
سائل - الجزائر
المفـتي:الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف
السؤال:
ما حكم رفع اليدين في الصلاة ؟
الجـواب:
ذهب الجمهور إلى أن رفع اليدين في أول الدخول في الصلاة مندوب وذهب داود وجماعة من أصحابه إلى وجوبه، ثم إنهم اختلفوا، فبعضهم قصره على تكبيرة التحريم وبعضهم عممه في الركوع والرفع منه، ومنهم من زاده عند السجود. وسبب هذا الاختلاف معارضة ظاهر حديث أبي هريرة رضي الله عنه في تعليمه صلى الله عليه وسلم للأعرابي المسيء في صلاته وفيه أنه قال له: "كبر" ولم يأمره برفع يديه فبقي فعله على الندب كما ثبت أيضا عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر وغيره "أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة"(1) فأهل الكوفة قصروه على تكبيرة التحريم، وبه قال سفيان الثوري، وهي رواية ابن القاسم عن مالك رحمهم الله تعالى. وأما الشافعي وأحمد وأبو عبيدة وأبو ثور وجمهور أهل الحديث وأهل الظاهر فجعلوه عند الاستفتاح وعند الركوع والرفع منه وهو مرويّ أيضا عن مالك، إلا أنه عند بعضهم واجب وعند البعض الآخر مندوب، على أن بعض أهل الحديث زادوا الرفع في السجود والرفع منه. وحجة من قصره على تكبيرة الاستفتاح حديث عبد الله بن مسعود وحديث البراء بن عازب أنه صلى الله عليه وسلم "كان يرفع يديه عند الإحرام مرة واحدة لا يزيد عليها"(2). وحجة من عممه في الاستفتاح والركوع والرفع منه حديث ابن عمر عن أبيه رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما أيضا وقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، وكان لا يفعل ذلك في السجود"(3) وهو حديث متفق على صحته، وزعموا أنه روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر رجلا من أصحابه. واحتج من زاد الرفع في السجود بحديث وائل بن حجر وفيه "أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند السجود"(4)، فمالك اقتصر على الرفع في تكبيرة الاستفتاح فقط مقتديا بعمل أهل المدينة ـ كما هو مذهبه ـ العاملين بحديثي ابن مسعود والبراء، وغيرهم عملوا بحديث عبد الله بن عمر لشهرته واتفاق الجمهور عليه، والله أعلم. اهـ من بداية المجتهد لابن رشد بتصرف(5). ------------------- (1) أخرجه مسلم (1/292) [كتاب الصلاة/باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين]، رقم 390/22. والإمام مالك في الموطأ (1/75) [كتاب الصلاة/باب اقتتاح الصلاة]، رقم 16. (2) ورد هذا الحديث من طرق كثيرة منها حديث ابن مسعود رضي الله عنه الذي أخرجه: أبو داود (1/199 ـ 200) [كتاب الصلاة/باب من لم يذكر الرفع من الركوع]، رقم 448، 449، 450. والترمذي (2/40) [كتاب الصلاة/باب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع إلا مرة]، رقم 257. وقال: حديث ابن مسعود حديث حسن والنسائي (2/525) [كتاب الافتـتاح/باب ترك رفع اليدين للركوع]، رقم 1025. وأخرجه النسائي أيضا (2/540) [كتاب الافتتاح/باب الرخصة في ترك رفع اليدين حذو المنكبين عند الرفع من الركوع]، رقم 1057. (3) أخرجه البخاري (2/255) [كتاب الأذان/باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى]، رقم 735. ومسلم (1/292) [كتاب الصلاة/باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين]، رقم 390/21 ـ 22. والإمام مالك في الموطأ (1/75) [كتاب الصلاة/باب افتتاح الصلاة]، رقم 16. (4) أخرجه الدارقطني (1/291) [كتاب الصلاة/باب التكبير ورفع اليدين]، رقم 13. والبيهقي (2/81) [كتاب الصلاة/باب التكبير عند رفع الرأس من السجود] (2/118). (5) بداية المجتهد لابن رشد الحفيد (1/133 ـ 134).
الصنف