حكم الإجهاض

2010-04-22

أسقطت زوجتي حملها في الشهر الخامس بعد أن ألح الأطباء في ذلك لكون الجنين مشوها، ولا يمكنه العيش وإن نزل حيًا، وكنا نجهل حكم الإجهاض شرعًا، وبعد مدة من إسقاطه عرفنا بحرمة ما فعلنا أنا وزوجتي من حصة فتاوى شرعية إذ لم يكن هناك خطر على حياة الأم، ونحن نريد الآن معرفة الحكم الشرعي حول ما فعلناه؟

             الجــواب:
       بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛
كان من واجبك أيها السائل الكريم أن تبدأ بما انتهيت به، وهو أن تسأل عن حكم الشريعة الإسلامية في هذا الأمر قبل أن تقدم مع زوجتك على ما أقدمتما عليه، فإنه لا يجوز لمسلم أن يقدم على شيء حتى يعرف حكم الله فيه لتطمئن نفسه ويستريح ضميره، أما المتجرئ على ما لا يعرف حكمه فإنه يقع في الحرام، فبين الحلال والحرام كثير من المشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام.
وإجهاض الجنين جناية، اتفق على اعتباره كذلك قانون السماء وقوانين الأرض الوضعية، وذهب بعض العلماء إلى أن الجنين الذي يؤاخذ بإسقاطـه هو ما تم تخلقه كأن يبلغ في بطن أمه أربعة أشهر، وبعضهم لا يشترطون ذلك بل يؤاخذ بإسقاطه ولو كان علقة.
والجنين كائن حي له الحق في الحياة، وفي حماية الشرع له من العدوان والآفات، لهذا أوجب الشارع الحكيم ديته على مـن جنى عليـه، وقد بلغ فقهاؤنا من التدقيق والاحتياط في حفظ الحقـوق ما لم يبلغه غيرهـم من حماة الإنسانية يدفعهم في ذلك خوف ربهم واحتياطهم لدينهم.  
وقد يظهر تطور العلم تفاصيل الجنين في بطن أمه كما يبين التشوهات التي قد يتعرض لها وهذا لا يسوغ الاعتداء عليه بإسقاطه ولا يجوز ذلك، إلاّ أن يكون بقاؤه يهدد حياة الأم تهديدًا مؤكدًا يخبر به أهل الخبرة والاختصاص من الأطبـاء الموثـوق بعلمهم وخبرتهم، ولو لم يكونوا مسلمين، فإن كانوا مسلمين فقد تم الاطمئنان إليهم مع المعرفة والخلق القويم وسواء كان الجنين في طوره الأول أو في طوره الأخير قد تكونت أعضاؤه حفظا لحياة الأم إذ هي الأصل، وتقديما لها على حياة الجنين وهو فرع منها، وقد جاء النهي عن قتل الولد ومنه إجهاض  الجنين في عدة آيات من الكتـاب منهـا قول الله تعالى :" ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم" ونص العلماء والفقهاء على أن هذه الآية تشمل إجهاض الجنين بعد تخلقه، فإنه قتل له، ويزيد في شناعة الجريمة أن يباشرها الأبوان أو أحدهما والمفروض أن يكونا أحرص الناس على حماية ابنهما من الآفات، ومن لطف الله أن الجنين المصاب بتشوهات خطيرة لا يعيش بعد الولادة، في العادة كما هو مشاهد، وكما قرر أهل الاختصاص أنفسهم على أن الأطباء كثيرا ما يخطئون التشخيص.     
وعلى الجاني دية الجنين يدفعها لوليه وورثته إلاّ أن يعفو عنه ويتنازل عنها فتسقط عنه والعفو أقرب للتقوى، ودية الجنين تساوي عشـر دية أمه وهي ما تعادل 50 دينارًا ذهبيا أي ما يقارب 5، 233 غرام من الذهب.
                                                                                والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.