04-04-2004
سائل - الجزائر
المفـتي:الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف
السؤال:
ما حكم الدعاء بعد الصلوات المفروضة ؟
الجـواب:
الدعاء شامل في الزمن كله لأن الأمر به عام، قال تعالى:"ادعوني استجب لكم"(1)، وقال:"وإذا سألك عبادي عني فإني قر يـب أجيب دعوة الداعي إذا دعان"(2). وقد ثبت في صحيح مسلم رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن يقول: "قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم، ونعود بك من عذاب القبر، ونعود بك من فتنة المسيح الدجال، ونعود بك من فتنة المحيا والممات"(3)، قال الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه: ((بلغني أن طاووسا قال لابنه: أدعوت بها في صلاتك ؟ قال: لا، قال: أعد صلاتك)). وعن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لامانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد"(4). وأما كونه في جماعة بعد الصلوات كما يفعل اليوم فلم يثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك فلا مانع إذ الدعاء على إثر الصلوات المفروضات أقرب إلى الاستجابة من غيرها، وكونها في جماعة أحدهم الإمام أوغيره يدعو والناس يؤمِّنون أقرب إلى الاستجابه كذلك، لأن "يد الله على الجماعة"(5) كما ورد ذلك في السنن، وجاء مثله في مستدرك الحاكم. وكون الدعاء جماعة بعد الصلوات لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم لا يناقض ما يفعله المؤمنون بعده، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه الوحي ويكره صلى الله عليه وسلم أن يفعل شيئا زائدا على ما فرضه الله على الأمة أو يكرره خوف أن يفرض عليهم، أو أن يعتقدوا أن العبادة الواجبة تكون ناقصة حتى يؤتى بالزائد عليها، وقد انتفت بوفاته صلى الله عليه وسلم هذه العلة، فلم يبق إلا الجواز. وقد نوع الله العبادة حسب المستطاع فقال سبحانه:"فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم، فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة، إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا"(6). وقال صلى الله عليه وسلم: "الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه "(7)، وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى المسلم ثم جلس في مصلاه لم تزل الملائكة تدعو له: اللهم اغفر الله، اللهم ارحمه، ما لم يحدث أو يقم "(8). نعم من كان في حاجة إلى الانصراف بعد الصلاة لسفر أو لتجارة ونحوهما فله ذلك، قال تعالى: "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون"(9). وعليه فليس كل ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم من سائر القربات التي يترتب على فعلها أجر وطاعة تترك لأجل أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله، فإن هذا لم يقل به عارف بالله، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقصد من الناس هذا، كيف وهو صلى الله عليه وسلم رغب أمته وحضها على الاستمرار في طاعته، وأن يكون لسان المؤمن رطبا بذكر الله، فالله يبصرنا بما هو صواب، آمين. ---------------------- (1) سورة غافر/60. (2) سورة البقرة/186. (3) أخرجه مسلم (1/413) [كتاب المساجد/باب التعوذ من عذاب القبر وعذاب جهنّم]، رقم 590/134. (4) أخرجه البخاري (1/378) [كتاب الأذان/باب الذكر بعد الصلاة]، رقم 844. ومسلم (1/414 ـ 415) [كتاب المساجد/باب استحباب الذكر بعد الصلاة]، رقم 593/137. (5) ورد هذا الحديث من عدة طرق منها: ما أخرجه النسائي (7/106) [كتاب تحريم الدم/باب من فارق الجماعة]، رقم 4032. والحاكم (1/115)، [كتاب العلم]. والطبراني في المعجم الكبير (1/186)، رقم 489، وفي سنده ابن أبي المشاور، وهو متروك كما نقل محقق المعجم الكبير. كما أخرجه في ج17/144)، رقم 362، (ج17/145) رقم 368. وأصل الحديث في صحيح مسلم (3/1479) [كتاب الإمارة/باب حكم من فرق جماعة المسلمين وهم مجتمعون]، رقم 1852، بلفظ: "إنه ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق الأمة وهي جمع، فاضربوه بالسيف كائنا من كان". (6) سورة النساء/103. (7) أخرجه البخاري [كتاب الأذان/باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة]، (2/167)، رقم 659. ومسلم [كتاب المساجد/باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة] (1/459)، رقم (649/272). والإمام مالك في الموطأ [كتاب قصر الصلاة في السفر/باب انتظار الصلاة والمشي إليها]، (1/160)، رقم 51. (8) أخرجه ابن خزيمة [كتاب الصلاة/باب فضل الجلوس في المسجد بعد الصلاة متطهرا]، (1/372)، رقم 756. (9) سورة الجمعة/10.
الصنف