كفارة الحنث في اليمين

سائل - الجزائر 
من فتاوى فضيلة الشيخ أحمد حماني رحمه الله 
 
السؤال: 
وفي هذه الحصة نفسها " رأي الدين" في الإذاعة الوطنية الجزائرية سمعت سؤالا وجوابه سأل رجل عن (يمين) أقسمها ألا يشترك مع رجل آخر في اشتراء سيارة دعاه إلى اشترائها لتكون بينهما ثم ظهر له أن يعدل عن يمينه إلى غيرها فما هو الحكم؟
 
الجـواب:
وأجاب المفتي : إن له أن يبر قسمه ولا يلزمه شيء، وله أن يحنت في يمينه ويكفر عنها. والجـواب إلى هنـا صحيح، فقد جاء الحديث بذلك، قال – صلى الله عليه وسلم – " إني إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير منها، وكفرت عن يميني" اهـ . ثم تطرق المفتي إلى الحديـث عن الكفارة فأبهم وأجمل وأخطأ، والله يغفر لنا وله هذا توضيح ذلك: *أولا: ذكر أن الكفارة ثلاثة أنواع : صيام، وإطعام، وكسوة. وهكذا دون تفصيل . ومفهوم كلامه أن الصيام في الدرجة الأولى ! والحق أن كفارة اليمين نوعان ثلاث خصال مخيرة، وهي عتق الرقبة – المتعذر اليوم – أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم. والنوع الثاني: صيام ثلاثة أيام لمن عجز عن الخصال الثلاث، ولا يصح له أن يكفـر بالصيام إن لم يعجز لاشتراطه في الآية (( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام)) سورة النساء 92، والعجز أن لا يكون له ما يكفيه لطعام يومه، وإذا وجده لم يجزه الصيام. وهذا رجل مقدم على الاشتراك في شراء سيارة، فهو قادر على شراء 05/كلغ من الطعام وتوزيعها على 10 مساكين، فكيف يفتيه بالصيام؟ *ثانيا: لما تكلم على الطعام نص على أنه يجزيه أن يشبع المساكين وجبة واحدة ! وهذا خلاف المذهب المنصوص عليه في (مختصر) خليل والمروي عن الصحابة، رضي الله عنهم، ومنهم الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. فالأصل في الإطعام الوارد في القرآن – كما نص القرطبي – أن يملك المساكين الطعام، وهم يصنعون منه الطعوم لأنفسهم مما يؤكل، وكذلك كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يفعل وصحابته من بعده رضوان الله عنهم. وإشباع المساكين من طعام مصنوع فرع عن هذا الأصل، إن فعله المكفر – على شروط معينة – أجزاه. قال القرطبي : في أحكامه " قال مالك : إن غذى مساكين وعشاهم أجزاه، وقال الشافعي : لا يجوز أن يطعمهم جملة واحدة لأنهم يختلفون في الأكل، ولكن يعطي كل مسكين مدا". ثم نقل مذهب علي بن أبي طالب أنه " لا يجزي إطعام العشرة وجبة واحدة – يعد لهم غداء وعشاء أو عشاء دون غداء يغذيهم ثم يعشيهم ثم قال : قال أبو عمر : وهو قول أئمة الفتوى بالأمصار" اهـ . وكتبنا معتمدة على هذا المذهب، وعليه مختصر خليل وشراحه – وبه المفتون عندنا في الجزائر، ولكن يظهر أن أبا عمر " ابن عبد البر" لم يطلع على (فتوى) هذا المفتي في مصرنا الذي خلا له الجو فهو يفتي منها آراءه ويسميها "رأي الدين"، يخطئ فيها ويصيب.