2006-10-20
سائل - الجزائر
من فتاوى فضيلة الشيخ أحمد حماني رحمه الله
السؤال:
ما بيان قول الخليفة أبي بكر الصديق "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة"
الجـواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
هذا جزء من حديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، ورواه غيره، وقد ساقه الإمام مسلـم في باب الإيمان عن أبي هريرة قال : " لما توفي رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، واستخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله؟ فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب :" فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق".
وقد بين شراح الحديث والمؤرخون، أن العرب – لما توفي رسول الله – انقسموا ثلاث طوائف : الأولى اتبعوا متنبئين كاذبين زعموا أنهم يوحى إليهم، وجاءتهم الرسالة، وهؤلاء هم قوم طليحة الأسدي، وقوم مسيلمة الحنفي، وقوم سجاح التميمية، وقوم الأسود العنسي، فهؤلاء كفروا وارتدوا عن الإسلام لأن محمدا رسول الله وخاتم النبيئين فمن أتبعهم فقد كذبه، وكفر به وقد قاتلهم المسلمون وهزموهم، وقتل مسيلمة كافرا، وكذلك الأسود، وتاب طليحة، وأسلم فحسنت توبته، كما تابت سجاح.
الثانية: كفروا بالإسلام، وعادوا إلى عبادة الأصنام، وتركوا الصلاة والزكاة وكل الشرائع. الثالثة: امتنعوا عن دفع الزكاة، وأقاموا الصلاة، وقالوا الزكاة كنا ندفعها للنبي فقط، ولا ندفعها لغيره، فهي لا تجب علينا، أو هي واجبة ولا ندفعها. هؤلاء هم الذين اختلف فيهم الصحابة، ورأى عمر بن الخطاب أنهم ماداموا يقولون لا إله إلا الله فقد عصموا دماءهم وأموالهم، ولا يجوز قتالهم، وأما أبو بكر- وهو الخليفة – وطاعته واجبة على عمر وعلى كل المسلمين – فقد رأى أنهم عصاة بغاة، امتنعوا عن طاعة الأمر، وعن دفع الزكاة التي هي حق المال، والحديث يقول : " فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه" وحق المال الزكاة، فمن منعها فلا عصمة له. فمعنى قوله : "لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة"، لأقاتلن من أطاع في الصلاة، فأداها واعترف بوجوبها، وجحد الزكاة فقال هي غير واجبة، أو قال : هي واجبة ولكن أمنعها مستحقها ولا أعطيها. وقد أجمع المسلمون على كفر من أنكر وجوبها اليوم، واختلفوا فيمن اعترف بوجوبها، وامتنـع عن إعطائها، وقد تقدم بيان ذلك في جواب سابق. وقد جاء الحديث برواية أخرى عن عبد لله بن عمر قال : قال رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله"، وهذا الحديث فيه نص على مقاتلة من أمتنع من إقامة الصلاة من إعطاء الزكاة، ولا شك أن عمر لم يكن قد سمعه ولا أبو بكر، فلو سمعه عمر لم يعترض، ولو سمعه أبو بكر لاحتج به.
الصنف