12-07-2004
سائل - الجزائر
المفـتي:الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف
السؤال:
ما حكم تحديد النسل ؟
الجـواب:
قطع النسل بلا ضرورة داعية ممنوع شرعا ومخالف لما جاء في صحيح الأحاديث النبوية ـ بل والآيات القرآنية ـ مثل قوله سبحانه: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما، ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا" (1)، وقال صلى الله عليه وسلم آمرا بالنكاح بغية الولد: "تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم" (2). وقال المفسرون عند قوله سبحانه: "فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم" (3): إنه الولد. وقال سبحانه في مفتتح سورة النساء: "يا أيها الناس اتقوا ر بـكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء" (4)، ففيه الترغيب الأكيد في كثرة النسل وطلبه. وقال النووي في شرح مسلم في أحاديث العزل: ((العزل هو أن يجامع فإذا قارب الإنزال نزع وأنزل خارج الفرج، وهو مكروه عندنا (5) في كل حال، وفي كل امرأة سواء رضيت أم لا، لأنه طريق إلى قطع النسل)) (6)اهـ. وإذا كان العزل وسيلة إلى قطع النسل، فإن الغاية وهي قطع النسل نفسه أشد كراهة لما ينتج عن ذلك من ضياع الحكمة من الوطء، الذي ينتج عنه إنجاب الولد. قال النووي: ((ولهذا جاء في الحديث الآخر "تسمية العزل بالوأد الخفي" (7))). ومعلوم أن الوأد هو القتل سرا كما كان يفعله أهل الجاهلية بأولادهم خشية الفقر وبناتهم خشية العار، وهو من أعظم الكبائر في الإسلام لقوله سبحانه: "وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت" (8)، وقوله:"ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خِطئا كبيرا" (9). وعليه فإذا لم تدع الضرورة إلى استعمال الدواء الذي يعقم أو يؤخر الحمل فلا يجوز ذلك ويعد إثما كبيرا، وأما مع تحقق الضرر فاستعمال ما ذكر جائز، حيث إن الضرورات تبيح المحظورات، والله أعلم. ---------------------- (1) سورة النساء/29 ـ 30. (2) أخرجه ابن ماجه (1/892) [كتاب النكاح/باب ما جاء في فضل النكاح]، رقم 1846. (3) سورة البقرة/187. (4) سورة النساء/1 (5) أي عند الشافعية [الشيخ محمد شارف]. (6) شرح النووي على صحيح مسلم (10/9). (7) أخرجه مسلم (2/1067) [كتاب النكاح/باب جواز الغيلة، وهي وطء المرضع، وكراهة العزل]، رقم 1442/141. (8) سورة التكوير/8 ـ 9. (9) سورة الإسراء/31.
الصنف