03-04-2004
سائل - الجزائر
المفـتي:الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف
السؤال:
حكم النجاسة توجد في الثوب، هل إزالتها واجبة أم سنة ؟
الجـواب:
هي عند قوم من الفقهاء غير واجبة الإزالة، وهم أبو حنيفة والشافعي. وقوم يقولون بسنية إزالتها بدون وجوب، وهذان المذهبان لم يفرقا بين الذِّكْرِ والقُدْرَةِ، والعجز والنسيان. وفرق آخرون بينهما، فقالوا هي ساقطة مع العجز والنسيان دون الذكر والقدرة، وهم مع هذا مختلفون فيما بينهم هل إزالتها سنة أو واجبة ؟ غير أنهم متفقون على أن الصلاة تبطل بها مع الذكر والقدرة، ولو على القول بسنيتها، لأنها سنة شهرت فرضيتها، وهو مذهب مالك رحمه الله، وقد نص على ذلك صاحب المختصر بقوله: ((هل إزالة النجاسة... سنة أو واجبة إن ذكر وقدر ؟ خلاف، وسقوطها في صلاة مبطل، كذكرها فيها))(1). ومن الآثار الدالة على وجوب إزالتها ما أخرجه مالك في موطئه، والبخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه من قوله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فليستنثر، ومن استجمر فليوتر"(2)، ومنها "أمره عليه الصلاة والسلام بغسل دم الحيض من الثوب"(3)، و"أمره بصب ذنوب من الماء على بول الأعرابي الذي بال في المسجد"(4)، وقوله صلى الله عليه وسلم في صاحبي القبرين اللذين مر عليهما في المقبرة: "إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يتنزه من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة"(5). واتفق العلماء على إزالة النجاسة من الثوب والبدن والمكان، لدلالة هذه الأحاديث النبوية، والله أعلم. على أن آثارا أخرى صحيحةً جاءت بالتخفيف، منها ما ثبت"أن قريشا رموا عليه صلى الله عليه وسلم سلا جزور، وهو في الصلاة فلم يقطعها، وهو مختلط بالدم والفرث"(6)، ومنها "أنه صلى الله عليه وسلم كان في إحدى صلواته يصلي بنعليه إذ طرحه فطرح الناس نعالهم لأجله، فأنكر صلى الله عليه وسلم ذلك عليهم ـ طرحهم نعالهم ـ وقال: إنما خلعتها لأن جبريل أخبرني أن فيها قذرا"(7) خلعها ولم يقطع الصلاة، فهذا كان سبب اختلاف الفقهاء في حكم إزالتها، فلكل وجه، والله أعلم. --------------- (1) مختصر خليل ص 8. (2) أخرجه البخاري (1/315) [كتاب الوضوء/باب الاستنثار في الوضوء]، رقم 161. ومسلم (1/212) [كتاب الطهارة/باب الإيتار في الاستنثار والاستجمار]، رقم 237/22. والإمام مالك في الموطأ (1/19) [كتاب الطهارة/باب العمل في الوضوء] رقم 3. (3) ورد ذلك في حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دم الحيض يصيب الثوب: "تحته، ثم تقرصُه، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه". أخرجه البخاري (1/489) [كتاب الحيض/باب غسل دم الحيض]، رقم 307. ومسلم (1/240) [كتاب الطهارة/باب نجاسة الدم وكيفية غسله]، رقم 291/110. (4) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس، "فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فأهريق عليه". أخرجه البخاري (1/386 ـ 387) [كتاب الوضوء/باب صب الماء على البول في المسجد]، رقم 220، 221. ومسلم (1/236) [كتاب الطهارة/باب وجوب غسل البول وغيره]، رقم 284/98، 99، 100. (5) أخرجه البخاري (1/385) [كتاب الوضوء/باب ما يجب في غسل البول]، رقم 218. ومسلم (1/240) [كتاب الإيمان/باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه]، رقم 292. (6) أخرجه البخاري (1/416) [كتاب الوضوء/باب إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة لم تفسد صلاته]، رقم 240.. (7) أخرجه أبو داود (1/175) [كتاب الصلاة/باب الصلاة في النعل]، رقم 650. والحاكم [كتاب الطهارة] (1/139 ـ 140) وصححه، ووافقه الذهبي. وابن خزيمة (1/384) [كتاب الصلاة/باب إذا أصاب ثوبه نجاسة وهو لا يعلم بها لم تفسد صلاته]،، رقم 786.
الصنف