زكاة مال اليتيم

04-04-2004
سائل - الجزائر

الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف 
 
السؤال: 
ما حكم الزكاة في مال اليتيم ؟
 
الجـواب:
اتفق العلماء على أن الزكاة تجب على كل مسلم مالك للنصاب عند بلوغ الحول وطيب الثمر والزرع وحلول أجل الدين. واختلفوا في وجوبها على اليتيم والمجنون والعبد وأهل الذمة وناقص المِلكِ. فأما الصغار فإن قوما قالوا تجب الزكاة في أموالهم، وبه قال علي وابن عمر وجابر وعائشة من الصحابة رضي الله عنهم، ومالك والشافعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور وغيرهم من فقهاء الأمصار. وقال قوم: ليس في مال اليتيم زكاة حتى يبلغ ويستقل بماله فيستقبل بها، وبه قاله النخعي والحسن وسعيد بن جبير من التابعين. وفَرَّقَ قوم بين الأرض وما تخرجه فقالوا عليه الزكاة فيما تخرجه الأرض، وليس عليه زكاة فيما سوى ذلك من الماشية والنوق والعروض وغير ذلك وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه رحمهم الله. وفرَّق آخرون بين الناض وغيره فقالوا لا زكاة عليه إلا في الناض. وسبب هذا الاختلاف ناشئ عن اختلافهم في مفهوم الزكاة الشرعية فمنهم من جعلها عبادة كالصلاة والصيام ـ فهي من خطاب التكليف، وعليه فلا يجب على غير المكلف حتى يبلغ سن التكليف عاقلا. ومنهم من جعلها من خطاب الوضع فقال: هي حق واجب على الأغنياء ـ و لو صغارا ـ للفقراء فلم يشترطوا إلا ملك النصاب وبلوغ الحول، وقالوا: لأنها حق واجب للسائل والمحروم ولم يعتبروا من وجبت عليه كونه بالغا عاقلا، ماعدا الحرية فهي شرط وجوب قالوا لأن العبد وإن أذن له سيده في ملك المال فله انتزاعه منه ما لم يتحرر لقاعدةِ: ((العبد وما ملكت يداه لسيده)). وكذا الدين في غير الحرث والماشية- قال ابن رشد: ((والأشبه بغرض الشارع إسقاط الزكاة عن المديان لقوله صلى الله عليه وسلم: "صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم"(1) والمدين ليس بغني، ويؤثر عن ابن عمر رضي الله عنهما قوله لكفلاء اليتامى ((اتجروا في مال اليتامى لئلا تأكلها الزكاة)) كما يؤثر عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قوله ((و الله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الصلاة حق الله والزكاة حق المال))، فإذا كانت الزكاة حق المال كانت من باب خطاب الوضع دون التكليف. والله أعلم)). اهـ من بداية ابن رشد مع تصرف(2). -------------------- (1) أخرجه البخاري (3/307) [كتاب الزكاة/باب وجوب الزكاة]، رقم 1395. ومسلم (1/50) [كتاب الإيمان/باب الدعاء على الشهادتين وشرائع الإسلام]، رقم 29/19 (2) انظر بداية المجتهد لابن رشد الحفيد (1/245). 
 

الصنف