10-04-2004
سائل - الجزائر
الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف
السؤال:
حكم الرضاعة
الجـواب:
إذا أرضعت امرأة ولداً لبنها واستقرّ في المعدة ولو بسعوط وهو ما يدخل بواسطة أنبوب ولو جرعة واحدة في مدة الرضاعة التي نص الله سبحانه عليها في قوله "والولدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة"(1)، فإن المرضع تصير أما لمن أرضعته هو وحده دون إخوته وأخواته الذين لم ترضعهم ومحارمها محارمه، لقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح "يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة"(2)، ومن المعلوم أن المحرمات من النساء سبع، وهن المذكورات في قوله سبحانه:"حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمتكم وخالتكم وبنات الأخ وبنات الأخت"(3)، وقد نص الله على تحريم اثنين من النساء وهما "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة"(4)، وألحقت الستة الباقيات من النسب فأعطت للمرضع حكمهن، فيحرم على الولد نكاح أمه، وابنته، وأخته، وعمته، وخالته، وبنت أخيه، وبنت أخته من الرضاعة، وكل أصولها وفصولها من الرضاعة سواء بسواء. وهذا كله في مدة الحولين واحتياطا لذلك فزيد شهران عليهما. وكون الجرعة الواحدة المستقرة في جوف الرضيع تثبت الحرمة وهو مذهب مالك وأبي حنيفة رحمهما الله، عملا بعموم قوله سبحانه: "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم"(5) فلم تقيد الكمية وهو الأحوط. وخالف في ذلك الشافعي وأحمد فقّيد الكمية التي يقع بها التحريم اعتمادا لما جاء في الصحيح في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان مما أنزل من القرآن عشر رضعات يحرمن، ثم نسخن بخمس رضعات، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنّ مما يقرأ من القرآن))(6)، وهو خبر آحاد يوجب الظن، والقاعدة الأصولية تقول: إذا تعارض متواتر وآحاد بقي حكم المتواتر على حاله حتى يعارضه متواتر متله، ولا متواتر في هاته المسألة. وعلى كل فلكل مجتهد ما أداه إليه اجتهاده حيث إنهما مأجوران، ودين الله يسر، ويمكن الجمع بين الدليلين عند تعارضهما مع تساويهما أو ترجيح أحدهما عند تفاوتهما في الأرجحية فيعمل بأرجحهما والله الهادي. -------------------------- (1) سورة البقرة/233. (2) سبق تخريجه في الجواب عن السؤال "حكم التزوج ب ". (3) سورة النساء/23. (4) سورة النساء/23. (5) سورة النساء/23. (6) أخرجه مسلم (2/1075) [كتاب الرضاع/باب التحريم بخمس رضعات]، رقم 1452/24. والإمام مالك في الموطأ (2/608) [كتاب الرضاع/باب جامع ما جاء في الرضاعة]، رقم 17.
الصنف