اختلاط الرجال بالنساء في المسجد

 04-04-2004 
سائل - الجزائر  
المفـتي:الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف 
 
السؤال:
ما حكم اختلاط الرجال بالنساء في المسجد ؟
 
الجـواب:
من المعلوم من الدين بالضرورة أن اختلاط الرجال بالنساء حرام، سواء كان ذلك في المسجد أو خارجه لاتحاد علة التحريم، وهو الالتذاذ مطلقا، سواء كان ذلك باللمس أم بالنظر، وكلاهما خطر على طهارة النفس والوقوع في رذيلة الفاحشة، فهذا شيء لا ينازع فيه مؤمن، وعليه فالحكم هنا يدور مع وسيلته وجودا وعدما، فمهما وجد الاختلاط وجد ما يدعو إلى الرذيلة، والعكس صحيح، فمتى كان النساء بمعزل عن الرجال سلمت الحالة من الإثم. ولا ينبغي أن يتخذ من هذا مبرر منع دخول النساء إلى المسجد للحـصول عـلى فـضـل الـجماعة وحضور مشاهد الخير، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"(1)، حيث يكون لهن في المسجد مكان يخصهن، على الأقل يكنّ في الصفوف الأخيرة التي هي خير الصفوف بالنسبة لهنّ، قال صلى الله عليه وسلم:"خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها"(2)، فإن لم ينتظم الحال على هذا المنوال فخير صلاة النساء قعر بيوتهن لقول عائشة رضي الله عنها: ((لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء من بعده لمنعهن المساجد، كما منعتها نساء بني إسرائيل)) (3)، وحال النساء في الشوارع كحال النساء في المساجد، فإذا لم يحافظن على ما وصاهن الشرع به فخروجهن وسيرهن في الشوارع حرام، لأنهن ينشرون بذلك الفساد بين المارة، ويكفي في تأنيبهن قوله صلى الله عليه وسلم في وصف هذا الصنف منهن: "نساء كاسيات عاريات مائلات مُميلات، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عاما"(4). نعم نحن لا نحجر على النساء خروجهن لقضاء مآربهن، ولكسب قوتهن، إذا لم يكن لهن عائل يعولهن، ولكن يجب أن يكون خروجهن وعملهن في حدود الشرع الكريم الذي حدد لهن ذلك، فإذا خرجن فليكن لباسهن ساترا لجسدهن كله غير واصف ولا مشف، وليكن بثياب ممتهنة لا تلفت نظرا ولا تسترعي بالا، وفي أمكنة عملهن أو تلقي معلوماتهن في المدارس يكن بمعزل عن الذكور، وحتى تعلمهن يكون بواسطة الإناث منهن. فهذه هي الطريقة المثلى التي تحفظ للجميع الشرف وتدعو إلى سلامة العرض الذي هو عمدة الحياة الكريمة، وألا نأخذ من غيرنا ممن ليس على ديننا أخلاقهم وعاداتهم، ونترك ما وصانا به شرعنا الذي يريد منا أن نكون على ما يدعو إليه، ولنذكر قول ربنا الكريم في كتابه العظيم إذ يقول:"ولاتتبع أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا، وضلوا عن سواء السبيل" (5)، وقول نبينا صلى الله عليه وسلم في معرض التنبيه لنا: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: اليهود والنصارى ؟ قال: فمن إذا"(6). والله الهادي. --------------------- (1) أخرجه أبو داود (1/55) [كتاب الصلاة/باب ما جاء في خروج النساء إلى المساجد]، رقم 565. (2) أخرجه مسلم (1/326) [كتاب الصلاة/باب تسوية الصفوف وإقامتها]، رقم 440/132. (3) أخرجه مسلم (1/329) [كتاب الصلاة/باب خروج النساء إلى المساجد]، رقم 445/144. (4) أخرجه مسلم (3/1680) [كتاب اللباس/باب النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات]، رقم 2128/125. والإمام مالك في الموطأ (2/913) [كتاب اللباس/باب ما يكره للنساء لبسه من الثياب]، رقم 7. (5) سورة المائدة/77. (6) أخرجه البخاري (13/312 ـ 313) ]كتاب الاعتصام/باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم"، رقم 7319. ومسلم (4/2054) [كتاب العلم/باب اتباع سنن اليهود والنصارى]، رقم 2669/6.
 

الصنف