إذا دخلت أشهر الحجّ فلن تسمَع في الكون إلاّ ذلك النِّداء العظيم الّذيأذّنهسيّدنا إبراهيم عليه السّلام فصار صوته يبلغ إلينا على مرِّالشّهور وعلى كرّ الدهور، فإذا استمعت القلوبُالمؤمنةُ إلى ذلك الصَّوت، لبَّتْولبِستْثيابَ الإحرام وقطعت تلك المسافات، لأنّها تخشى
أن يقطع هادمُ اللّذّات بينهاوبين تلبيةْ النّداء.
الحديث عن الحجّ، وما أدراك ما الحجّ، قال سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا جاءه السّائل يسأله: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: ''إيمان بالله''، قال: ثمّ ماذا؟ قال: ''جهاد في سبيل الله''، قال: ثمّ ماذا؟ قال: ''حجّ مبرور''.
إنّه الحديث عن أسباب المغفرة، عن حَطّ السّيِّئات وإقالة العثرات وذهاب التَبعات، فإن سيّدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه لمّا بايَع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا عمرو أَلَمْ تعلَم أنّ الإسلام يهدم ما قبله، وأنّ الحج يهدم ما كان قبله''. وفي حديث سيّدنا ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال صلّى الله عليه وسلّم: ''تابعوا بين الحجّ والعمرة فإنّهما ينفيان الفقر والذُّنوب كما ينفي الكيرُ خَبَثَ الحديد''.
إنّه الحديث عن وفود الله تعالى وزوّاره الّذين نزلوا بساحته، أخرج المنذري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ''الحجّاج وفدُ الله، إنْ دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم''.
ولمّا كانوا وفدَ الله وكانوا أضيافاً في ساحة الله، فهم في ضمان الله وفي حِرْز من الله، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''ثلاثةٌ في ضمان الله، رجلٌ خرج إلى مسجد من مساجد الله، ورجل خرج غازياً في سبيل الله، ورجل خرج حاجًّا''.
الحجّ جهاد الضعيف والمرأة، وهو جهادٌ وبذلٌ ومرابطة في ميدان الأجر، أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أمّ المؤمنين السيّدة عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، ألاَ نغزوا ونجاهدْ معكم؟ فقال: ''لا، ولكن أحسنُ الجهاد وأكملُه حجٌّ مبرورٌ''، فقالت عائشة: فلا أدع الحجّ بعد إذ سمعتُ هذا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم''.
×بُشْرى لحجّاج كلّما أهلّوا وكبّروا.. بُشرى بالجنّة والجِنان، فقد ثبت عنه صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: ''ما أهَلَّ رجلٌ قطٌّ ولا كبّر مكبِّرٌ قطٌّ إلاّ بُشِّر بالجنّة''.
يا مُريد الجنّة، يا عاشق الحور، يا قاصد القصور، هاهو الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم يقول لك: ''العمرة إلى العمرة كفّارة لمَا بينهما والحجّ المبرور ليس له جزاءٌ إلاّ الجنّة''.
هنيئاً للحجّاج كلّما لبّوا وكبّروا، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''ما مِن مُلَبٍّ يُلبّي إلاّ ولبَّى مَا عَن يمينه مِن حجر وشجر ومَدَر''.
بُشراهم وهُم يسعون بين الصفا والمروة وشريط الذِّكريات يمرّ عليهم هنا هاجر، وهنا إسماعيل، وهنا مرّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم... الحجُّ رحلة لها بداية وليس لها نهاية
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه ولاإله إلا الله تعظيما لشانه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي الى رضوانه وعلى آله وصحبه وإخوانه وسلّم تسليما كثيرا، أما بعد
الحج رحلة سلام الى أرض السلام، يسالم الإنسان فيها الناس ويربّي نفسه على الأخلاق الطيبة والمعاملة الحسنة ، حتى الجدال ممنوع، قال سبحانه"" الحجّ أشهرٌ معلومات فمَن فرض فيهنّ الحج فلا رَفَثَ ولا فُسوقَ ولا جدالَ في الحج وما تفعلوا من خيْرِ يعلمْهُ الله " وتزوّدوا فإنّ خير الزّاد التقوى"" سورة البقرة 197
وقد روى البخاريّ في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم يقول : مَنْ حَجّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدتْه أمّه" فيَاله من أجر عظيم أعدّه الله تعالى لضيوف الرحمن وللحجاج الميامين الذين تركوا أهلهم وأموالهم وأوطانهم ابتغاء الأجر والثواب وطمعا في الفوْز والرضوان,,
:أيها الإخوة الكرام : كَمْ يَحرق الشوقُ قلوبَنا ونحن نودّع الحجّاج ولسان حالنا يقول:
ياسائرين الى البيت الحرام لقد""سِرْتُم جسوما وسِرْنا نحن أرواحا
إنا أقمنا على عذر وقد رحلوا"" ومن أقام على عذر كمَن راحا
فاللهمّ يسّر للحجاج حجّهم وبلّغهم مرادهم وقصدهم ، اللهم ذلّل لهم الصِّعاب وهيِّئ لهم الأسباب ورُدّهم إلى أهلهم وأوطانهم سالمين غانمين مغفورا لهم
اللهم اجعلنا ممّن يَفِدُ إليْك حجّاجا وزوّارا ياربّ العالمين
لخضر لشهب امام أستاذ مسجد التقوى حاسي الرمل الأغواط