إعلان عن إستكتاب للملتقى الوطني التاسع عشر للقرآن الكريم: التربية الروحية في القرآن الكريم بعنابة من 18 إلى 20 ديسمبر 2017م

 - ديـبـاجـة:

يقصد بمصطلح التربية الروحية تهذيب الروح؛ باقتلاع جميع الصفات الأخلاقية المذمومة، وبغرس جميع الفضائل الأخلاقية المحمودة شرعا،  وهذا ما يشير إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: [وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ افْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا].
وتُعدُّ التربية الروحية من أهم جوانب التربية التي تؤثر في شخصية الفرد تأثيرا كبيرا؛ فتجعله ميالا للخير، ومتحليا بالصفات الحميدة، وملتزما في سلوكه وتصرفاته التزاما ذاتيا مستمرا، وعاملا على مساعدة الآخرين، ومحبا للتعاون، وذا نفس مطمئنة ومتفائلة يقبل على الحياة بروح إيجابية وعزيمة متوقدة، لا يعجز إن اعترضت طريقه العقبات والعراقيل في محاولاته المستمرة لتخطيها، مستعيناً بالله الذي يؤمن به ويلجأ إليه في السراء والضراء والشدائد ويثق في عونه وتوفيقه.
إن هذا القصد النبيل لو وضعه المرشد الديني نصب عينيه؛ أمكنه أن يسير بوظيفة التربية والتعليم في المجال الديني إلى غايتها الحقيقية، وأمكن أن يتخلص من كل الشوائب التي تهدمها وتنقض فائدتها، وينجح فعلا في صناعة المواطن الصالح تربية وتكوينا؛ ذلك أن مفهوم المواطن الصالح الذي تسعى كل الأدبيات التربوية والقانونية في العالم لإنتاجه بشتى الوسائل، فتنجح حينا بصورة نسبية، وتفشل أحيانا أخرى فشلا ذريعا؛ إنما هو مفهوم الإنسان المثالي، الذي تعرضه المفاهيم الدينية التربوية؛ حيث إن التنمية الروحية هي أساس التنمية البشرية في الإسلام، وهي مرجع العمران البشري في الأرض. يقول جل وعلا:
[من عمل صالحا من ذكر أو انثى وهو مومن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون].

ولقد اعتمد الإسلام هذه الوسيلة التربوية؛ لإحداث التنمية (بشتى أبعادها) في العمران البشري، فلا بد أن يستجيب الإنسان لنداء السماء، مادام مكلفا بعمارة الأرض وإصلاحها، وعدم الإفساد فيها، تطبيقا لقوله تعالى: [قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما ياتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى]؛ فـالحياة الطيبة، وعدم الشقاء، إنما هما جمال العيش الدنيوي، وكمال نعمته، وضمان رزقه واستقراره، وتمام أمنه وأمانه، وكامل سلامته وعافيته، وهذا من المقاصد التبعية في الدين، مما ينجر مع المقاصد الأصلية، التي هي العمل للآخرة؛ فَيَمُنُّ الله بنعمته على العبد بصلاح دنياه؛ لِمَا اشتغل به من صلاح أخراه.
وبناء على التربية الشاملة المتوازنة بسط المفكرون المسلمون في مؤلفاتهم منذ فجر الإسلام أسس المعارف الدينية والدنيوية، فكانوا روادا في طليعة العلم العالمي في معظم فروعه؛ مثل الفيزياء والكيمياء والطب والتاريخ والجغرافيا، ويعود إلى العلماء المسلمين فضل الاكتشافات العديدة في شتى ميادين العلم والمعرفة، فوضعوا قاعدة متينة لتقدم البشرية على طريق الرقي العلمي والتقني.
ولقد تعالت اليوم صيحات المفكرين تدق ناقوس الخطر الذي يهدد البشرية إن هي تمادت في الانسياق وراء حضارة الاستهلاك، ولم تحقق وثبة روحية تعيد إليها الحياة التي كادت تقضي عليها فلسفة المادة؛ فالإنسانية التي انحنت تحت ثقل المادة نحو الأرض تهفو اليوم إلى الوقوف ثانية والنظر إلى السماء؛ لأن الانتصار الضخم الذي حققه الإنسان في عالم المادة قد ينقلب إلى هزيمة بل إلى شر يهدده بالهلاك، ما لم يضف إليه انتصارا مماثلا في عالم الروح.

والحقيقة أنه إذا كانت هناك إضافة حضارية يمكن للمسلمين أن يقدموها للإنسانية في هذا القرن الجديد فإننا نتصورها في هذا المجال الروحي، الذي ستصطبغ به الحياة خلال هذه الألفية الثالثة.ولنا في أقطاب التربية الروحية، والتصوف السني الصحيح خير مثال على ذلك، فلقد كان أبو حامد الغزالي سيدا في الدنيا، وإماما في الدين، ملأ الأرض عبادة وعلما وعملا، وأصبح الإسلام بأمثال أولئك الأعلام يستقطب مختلف الفئات والأعمار، ممن أصبحوا يعيشون أزمة نفسية حادة، ينشدون فيه الطمأنينة الروحية وسلامة الاعتقاد، مما جعل المفكرين الغربيين أنفسهم يولون هذه الظاهرة الحضارية عناية كبيرة، ويضعون دراسات ومؤلفات عن التربية الروحية في الإسلام.
إن الكيان الحضاري الأصيل للمسلمين مرهون بقيامه على فلسفة موحدة شاملة، ربانية المصدر، ربانية الغاية، لا ثنائية فيها ولا انفصام بين علاقتهم بالأرض وصلتهم بالسماء، وإن التأزم الحضاري لا يمكن تجاوزه إلا عن طريق فهم أعمق للإنسان، وتوجيه أحسن لطاقاته وقدراته، باعتباره صانع القوة والتقدم، وحارس الأمن والاستقرار.
إن التاريخ الإسلامي لم يخل من مواقف مشرفة لعلماء المسلمين ولرجال التربية في حل بعض مشكلات البيئة؛ سواء أكانت اجتماعية، أم اقتصادية،  أم صحية أم غير ذلك. وفي حركة الجهاد ضد المحتل لأراضي المسلمين؛  فالتاريخ قد سجل أن علماء المسلمين الربانيين قد لعبوا دورا عظيما في الدفاع عن الثغور، والمرابطة في مواجهة الأعداء؛ تمكينا لدين الله، وحفاظا على أرض المسلمين.

لذا لا نريد شبابا يسخر من حياته الروحية، ويتنكر لتراثه الأصيل، ويجحد منزلة أولياء الله الصالحين، وينظر إلى الزهد والتصوف عموما نظرة استعلاء، وكأنه من اهتمامات عهود التخلف، يحتل مرتبة متأخرة في سلم أولويات العصر، كما لا نريد شبابا مشوبا إيمانه بنظرة خرافية، ومحكوما بقناعات ساذجة، يتعامل مع التكنولوجيا العصرية بذهنية الرقى والتمائم، بل ينبغي أن يعلم أن زمام الريادة الحضارية لم ينفلت من بين أيدي المسلمين إلا عندما فصلوا عالم الجسد عن عالم الروح، فتركوا جانبا مما ورد في كتاب الله العزيز: [وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك، ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين].
يؤكد الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين على أن النفس البشرية إذا كانت تستلذ الباطل بحكم العادة، وتميل إليه، فإنها تستلذ الحق من باب أولى، لو ردت إليه، والتزمت المواظبة عليه؛ لأن الطبع يميل إلى الفضائل أكثر من ميله إلى الرذائل، وأن النفس بطبيعتها تأنف من الرذائل؛ لأنها تتنافى مع الطبع الإنساني.
هذا وإن تربية النفوس تتم عن طريق تنمية القوتين: العقلية والروحية؛ فالتربية الروحية لا تعني تجاهل الخطاب العقلي، وإنكار دوره في التأثير، فالعقل هو الأداة الأولى للتمييز والإدراك، وبفضل إدراكه تتسع دائرة المعارف الإنسانية، ويستفيد من تجاربه المتجددة، ولابد من أن تكون التنمية العقلية مترافقة مع التربية الروحية، لكي يستقيم أمر الفهم والوعي والإدراك والمعرفة والبناء الحضاري.

 

- المشكلة العلمية للملتقى:
بناء على أهمية التربية الروحية، وأثرها على العلاقات بين الأفراد والمجتمعات والدول، ينبغي البحث عن حقيقتها بين المفهوم الاصطلاحي والمنهج القرآني، وعن متطلباتها، وأسسها، وأساليبها، وخصائصها، وواقعها وكذا آفاقها في عالم سريع متغير، والبرهان عن حاجة العالم المعاصر إليها في الحد من الظلم والعنف والإجرام خاصة، وعن دورها في الصحة النفسية، والإصلاح الاجتماعي، والتنمية الشاملة.

و إن الهيئة العلمية للملتقى تدعو العلماء و الباحثين إلى المساهمة في هذا الملتقى من خلال واحد من المحاور التالية:

- محاور الملتقى:
* المحور الأول: حقيقة التربية والروح بين المفهوم والمنهج القرآني.
- التربية الروحية فريضة شرعية وضرورة حضارية.
- شمولية التربية الروحية وتوازنها في القرآن الكريم.
- أساليب التربية الروحية في القرآن الكريم.
- أسس تربية النشء تربية روحية صحيحة.

* المحور الثاني: واقع التربية الروحية وآفاقها في عالم متغير.
- التربية الروحية عند علماء الإسلام.
- التربية الروحية في الأديان السماوية.
- متطلبات التربية الروحية للجالية المسلمة.
- حاجة العالم المعاصر إلى التربية الروحية.

* المحور الثالث: أهمية التربية الروحية بالمؤسسة الدينية.
- دور الخطاب الديني المعتدل في ترسيخ التربية الروحية السليمة.
- مواصفات المربي المؤهل لصناعة جيل متوازن.
- أعلام جزائريون مدارس في التربية الروحية البناءة.
- القيم الأدبية والفنية في الشعر الصوفي الجزائري.

* المحور الرابع: أثر التربية الروحية في الإصلاح الاجتماعي، والتنمية الشاملة.
- دور التربية الروحية في الإصلاح الاجتماعي.
- دور التربية الروحية في التنمية الشاملة.
- أثر التربية الروحية في الصحة النفسية.
- أثر التربية الروحية في الحد من العنف والإجرام.

- ملاحظة تقنية:
ترسل الملخصات مرفقة بسيرة ذاتية مقتضبة قبل يوم الأربعاء 25 أكتوبر 2017 إلى العنوان التالي: (diwan@marw.dz)