الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين قيوم السماوات والأرض جعل المرض رحمة للطائعين يرفع به درجات المؤمنين في جنات النعيم وأشهد لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، القائل في كتابه العزيز " وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين وتابعي التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد أيها الإخوة الأعزاء أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فإنها وصية الله للمؤمنين من عباده قال تعالى : " ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله " أيها الإخوة المؤمنون وبناسبة اليوم العالمي للمعوقين أحدثكم اليوم بما فتح الله ويسر في هذا الموضوع ، أولا الابتلاء للمؤمن من الله تعالى ليس كرها له ولا انتقاما منه بل هو محبذ فيه قال تعالى في سورة البقرة : "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون" قال المفسرون في هذه الآية أن الله تعالى يبتلي المؤمنين ليمتحن صبرهم وهو أعلم بهم فيرفعهم بذلك الصبر إلى درجة أنه يصلي عليهم وينزل عليهم الرحمة ويوفقهم إلى الهداية وإلى الطريق المستقيم فالبلاء إذن فيه رحمة ومحبة وفي الحديث النبوي الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سأل عن أشد الناس بلاء قال:" الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الإنسان على قدر إيمانه فإن كان في إيمانه صلابة كان بلاؤه أشد وإن كان في إيمانه لين كانت البلوى على قدر الإيمان " رواه الترمذي عن سعد .
وفي حديث الترمذي وابن ماجه عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أحب الله قوما إبتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط " .
أيها الإخوة الأعزاء : إن مما يبتلى به الإنسان الإعاقة في الجسد وقد تكون هذه الإعاقة من يوم ولادته كمن يولد أعمى مثلا وقد تكون هذه الإعاقة بشيء يتعرض له في حياته كحوادث المرور وغيرها ، ولقد عنيت الشريعة الإسلامية بالضعفاء بوجه عام وهؤلاء بوجه خاص فالشريعة الإسلامية تنظر إلى المعوق على أنه :
1- إنسان له حقه الكامل في المساواة بغيره ليحيا حياة كريمة
2- التخفيف عليه من الالتزامات الشرعية بقدر طاقته
3- أنه مطالب بالعمل في حدود طاقته
وقد وضع الإسلام نظاما مدنيا واجتماعيا واقتصاديا لايحول ولايعوق دون حرية الأفراد واستغلال طاقاتهم البشرية لتحسين نوعية حياتهم والقضاء على مظاهر الإعاقات العامة المختلفة ومن هنا نقول أنه على الإنسان أن يستغل ما أعطاه الله تعالى فإن الله لا يسأله إلا على ما آتاه من نعمة قال تعالى :" لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها " وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين حمد الحامدين الشاكرين والصلاة والسلام على البشير النذير المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد؛
ظن كثير من الناس أن المعاق حقيقة هو من فقد الأهلية على الحياة الطبيعية من ذوي الاحتياجات الخاصة وهذه الطائفة ممن أصيب بعاهة ذهنية أو فكرية أو نفسية مأجور في الإسلام لهم منزلتهم من الاحتفاء والاعتناء ، لكن المعاق حقيقة هو من عطل عقله وجمت حواسه واتت مشاعره ، فمن لم يفكر بعقله التفكير الصحيح ولم يعتقد بقلبه الاعتقاد السليم ومن لم ينهج النهج القويم ويسلك الصراط المستقيم فهو معاق حقيقة أما من أصيب بعاهة في جسمه فقد تكون هذه العاهة سببا لعظمته ونجاحه وتفوقه وقد طالعت حياة كثير من المشاهير والنجوم والعظماء والعلماء فإذا طائفة منهم كانوا ممن أصيب بعاهات في أبدانهم فهذا عطاء ابن أبي رباح عالم الدنيا أعرج ، والزمخشري كان مبتور الرجل وهكذا لو بحثنا لوجدنا الآلاف المؤلفة من العظماء ولكنهم معاقون ، وإننا في هذا البلد العظيم الجزائر الذي اعتنى بهذه الفئة من المجتمع فجعل لها تسهيلا في كل الميادين الحياتية والتعليمية ، فلهم من الله جزيل الثواب والتوفيق .
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا آمين وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
عمار بن عمار : إمام مدرس - ورقلة