الأرض المهملة، هل تنتزع ملكيتها ؟ ا

10-04-2004 
سائل - الجزائر
المفـتي: الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف  
السؤال: 
الأرض المهملة، هل تنتزع ملكيتها ؟
 
الجـواب:
الأرض المملوكة هي حق شرعي لصاحبها ـ مالكا لذاتها ـ فمهما أهملت وهجرها أصحابها فإن ملكيتها تبقى على ذمتهم لا تزول عنهم، اللهم إلا إذا كان صاحبها حاضرا ورأى رجلا أجنبيا عنه رشيدا غير شريك أعمرها بالبناء والغرس وغيرهما من ضروب التعمير، فسكت عنه ولم يصرفه عنها حتى مضى عليها عشر سنوات فإن ملكيتها تزول عنه وتصير لمن أعمرها، وهي من مشمول عموم قوله صلى الله عليه وسلم:"من أحيا أرضا مواتا فهي له"(1)، وكذلك الأرض التي جهل مالكها ولم تكن بقرب مدينة من المدن التي يتولاها حاكم، وبحث عن صاحبها فلم يعثر له على خبر وأعمرها إنسان بالبناء والغرس المدة المذكورة، فإنها تكون ملكا له بما قام على عمارتها وإحيائها بإخراج الماء والغرس وغيرهما. وفي منتقى الأخبار لابن تيمية عن عائشة رضي الله عنه رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها"(2)، والحديث المصدر به أول الباب رواه جابر بلفظ: "من أحيا أرضا ميتة فهي له"(3)، وفي لفظ: "من أحاط حائطا على أرض فهي له"(4)، وعن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق"(5).اهـ(6). هذه الأحاديث كلها من منتقى الأخبار من كتاب إحياء الموات، وما ذكرنا من أنه إذا أعمرها رجل أجنبي غير شريك المدة المذكورة، وصاحبها حاضر ساكت عالم بأنها ملكه ولم يتكلم بشيء، فإن تلك الأرض وكذا الدار ينتقل ملكها إلى الذي أعمرها. قال ابن أبي زيد رحمه الله في رسالته(7): ((ومن حاز دارا ـ أو عقارا فهو أعم من دار ـ على حاضر عشر سنين تنسب إليه، وصاحبها حاضر عالم لا يدعي شيئا فلا قيام له))، بخلاف ما إذا كان شريكا أو قريبا فلا حيازة له عليها، قال ابن أبي زيد: ((ولا حيازة بين الأقارب والأصهار في مثل هذه المدة))، وفي حاشية العدوي على أبي الحسن على الرسالة أن الأقارب والأصهار ومن في حكمهم مثل الأصدقاء المعروفين لصاحب العقار إذا حازوا ما ذكر وصاحب العقار حاضر ساكت حتى مضت مدة أربعين سنة فما فوق، فلا قيام له عليهم، ويكون الحكم كالأجنبي الرشيد غير الشريك في قبول الحيازة(8)، والله أعلم. -------------------- (1) سبق تخريجه الجواب عن السؤال "حكم الأرض العروشية". (2) أخرجه البخاري (2/23) [كتاب الحرث/باب من أحيا أرضا مواتا]، رقم 2335 (3) سبق تخريجه في الجواب عن السؤال "حكم الأرض العروشية". (4) أخرجه أبو داود (3/179) [كتاب الخراج والإمارة والفيء/باب في إحياء الموات]، رقم 3077. (5) سبق تخريجه في الجواب عن السؤال "حكم الأرض العروشية". (6) انظر: نيل الأوطار للشوكاني شرح منتقى الأخبار لابن تيمية الجد (6/45). (7) رسالة ابن أبي زيد القيرواني ص 140. (8) انظر: حاشية العدوي على شرح أبي الحسن لرسالة ابن أبي زيد القيرواني (2/341).