حكم الثياب المستعملة الآن المسماة بالبذلة الأروبية

 

سائل - الجزائر
الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف
 
السؤال: 
حكم الثياب المستعملة الآن المسماة بالبذلة الأروبية
 
الجـواب:
لا بأس بها لأنها ليست من لباس رهبانهم ولا زيا من أزياء أهل دينهم، وإن جاءتها الكراهة من حيث تحديدها للعورة لكونها تصفها لا غير، قال خليل رحم الله في مختصره: ((ومحددة لا بريح))(1)، وقد كانت ترد على النبي صلى الله عليه وسلم ثياب من لباس الكفار غير المختصة بطقوس دينهم، فكان يفرقها على أصحابه يَلْبَسونها أو يُلبِسونها أهليهم ففي صحيح البخاري رحمه الله عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص:"أُتِىَ النبي صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة، فقال صلى الله عليه وسلم: من ترون نكسو هذه ؟ فسكت القوم فقال: ائتوني بأم خالد، فأتى بها تُحْمَلُ. قالت: فأخذ الخميصة بيده فألبسنيها فقال: أبلي واخلفي(2) وكان فيها علم أخضر وأصفر، فقال: يا أم خالد هذا سناه(3)"(4). وعن أم زميل سماك بن الوليد اليماني قال: حدثني ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لما خرجت الحرورية أتيت عليا كرم الله وجهه، فقال: ائت هؤلاء القوم، فلبست أحسن ما يكون من حلل اليمن، قال أبو زميل: وكان ابن عباس رجلا جميلا جهيرا، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فأتيتهم فقالوا: مرحبا بك يا ابن عباس ما هذه الحلة ؟ قلت: "ما تعيبون عَلَيَّ ؟ لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحسن ما يكون من الحلل"(5). قلت (6): ففي هذا الأثر دليل على جواز لبس الثياب التي لا تخصص لأهل دينهم، ودليل على أن المسلم يجوز له لباس الثياب الجميلة التي تزيد في بهاء جسمه ما لم تكن محرمة كالذهب والفضة والحرير، فإنها من الطيبات لقول الله تبارك وتعالى: "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة، كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون"(7)، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في السنن: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا"(8)، نعم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الثياب الصفراء المصبوغة بالعصفر، إذ لعلها من ثياب أهل دين الكفار، فقد أخرج مسلم رحمه الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ ثوبين معصفرين فقال: أمك أمرتك بهذا؟ قلت: أغسلهما يا رسول الله ؟ قال: بل أحرقهما، إن هذين من ثياب الكفار فلا تلبسهما"(9) اهـ والله أعلم. --------------------- (1) مختصر الشيخ خليل ص 25. (2) كناية عن طول العمر وكأنه صلى الله عليه وسلم يقول: البسي حتى يبلى اللباس ويقدم فتجددي غيره. [الشيخ محمد شارف] (3) هي بلغة الحبشة، معناه هذا حسن. [الشيخ محمد شارف] (4) أخرجه البخاري (10/291) [كتاب اللباس/باب الخميصة السوداء]، رقم 5823. (5) أخرجه أبو داود (4/45) [كتاب اللباس/باب لباس الغليظ]، رقم 4037، وقال: حسن والحاكم [كتاب اللباس] (4/182). (6) صاحب هذه الفتاوى. (7) سورة الأعراف/32. (8) أخرجه مسلم (2/703) [كتاب الزكاة/باب قبول الصدقة من الكسب الطيب]، رقم 1015. (9) أخرجه مسلم (3/1647) [كتاب اللباس/باب النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر]، رقم 2077/27.