2010-09-01
سائل - الجزائر
الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف
السؤال:
التلفظ بالحرام والثلاث
الجـواب:
جاء في صحيح البخاري رحمه الله: ((باب من قال لامرأته أنت علي حرام ـ وقال الحسن: نيته)) (1)، وعليه فما عدا مالكا رحمه الله الذي جعله بمنزلة الثلاث الذي لا تحل المرأة به حتى تنكح زوجا غيره: إن الحالف بالحرام يوكل إلى نيته، فإن نوى واحدة فواحدة بائنة، وإن نوى ثلاثا فثلاث لا تنكح إلا بعد زوج. وقال أبو حنيفة رحمة الله إن نوى واحدة فهو...إن لم ينو، فإن نوى به طلاقا فهو بائن. فإن علقه على شرط فيلزم بوقوع الشرط على التقرير السابق. وقد جاء في صحيح البخاري (2) أيضا في ـ باب الطلاق في إغلاق ـ قال نافع: طلق رجل امرأته ألبتة إن خرجت فقال ابن عمر: ((إن خرجت فقد بتت منه، وإن لم تخرج فليس بشيء)). وفي تفسير القرطبي (3): ((إن الحرام اختلف فيه الفقهاء اختلافا كثيرا أوصلوه إلى ثمانية عشر قولا، وذلك لعدم وقوعه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يوجد له نص وإنما النص في لفظ الطلاق والفراق دون الحرام، وكذا لفظ الثلاث لم يرد في الصدر الأول إلا مرة، بلغ النبي صلى الله عليه وسلم قول رجل لامرأته أنها عليه ثلاث فغضب صلى الله عليه وسلم وقال "أيتلاعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم"(4)، ولم يقرره عليه بل جعله واحدة واستمر هذا زمنه صلى الله عليه وسلم وزمن أبي بكر وصدرا من زمن عمر رضى الله عنهما حتى أكثر الناس منه في خلافة عمر رضي الله عنه فقال لحاشيته: ((لقد تعجل الناس في أمر لهم فيه مندوحة عنه فهلا أمضيناه عليهم))(5) ـ أو كما قال ـ فأمضاه ثلاثا اجتهادا منه رضي الله عنه وسدا للباب. ثم بعده رجع الأمر لما كان عليه زمن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر رضي الله عنه. وهكذا شأن المجتهدين في تقرير الأحكام العديمة النص تارة بالتخفيف وتارة بالتشديد حسب أحوال الناس. وقد قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله:((يحدث للناس أقضيه بقدر ما أحدثوا من الفجور)).وقولته رحمه الله تطابق ما فعله عمر عندما تعجل الناس لفظ الطلاق الذي وسعه الله على الأمة بقوله"الطلاق مرتان"(6) إلى تضييق الناس على أنفسهم فيه فتعجلوا العدد، فكانت كما قالوا تعزيرا وتأديبا وحسما للمادة وغلقا للباب، والله يلهمنا السداد والصواب. ------------------------- (1) صحيح البخاري، بضبط وتحقيق الدكتور البغا (5/2015). (2) صحيح البخاري بضبط وتحقيق الدكتور البغا (5/2019). (3) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (18/180 ـ 182). (4) سبق تخريجه في الجواب عن السؤال "ألفاظ الطلاق". (5) سيأتي تخريجه في الجواب عن السؤال "حكم تكرار الطلاق في المجلس الواحد". (6) سورة البقرة/229.
الصنف