10-04-2004
سائل - الجزائر
الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف
السؤال:
ما حكم نكاح الربيبة ؟
الجـواب:
جاء في تفسير قوله تعالى: "ور بائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم" (1)، ما ذكر الفقهاء أن الرجل إذا عقد على امرأة ودخل بها، وكانت لها بنت، فإنه تكون ربيبته يحرم عليه نكاحها، إذا بنى بأمها أو حصل منها لذة بملاعبة أو تقبيل. فإن لم يحصل له شيء إلا مجرد العقد ثم طلقها، فله نكاح ابنتها لقاعدتهم المشهورة القائلة:((الدخول بالأمهات يحرم البنات))، وأما عكس ذلك وهو ما إذا عقد على البنت فإن أمها يحرم عليه نكاحها، وإن لم يحصل دخول لقولهم أيضا: ((العقد على البنات يحرم الأمهات))، وهذا هو معنى الآية الكريمة. بقيت قضية كون الربيبة في الحجر وقت دخول الزوج بأمها، فهذا حكمه كما سبق، فأما إن كان خارج الحجر فاتفق الفقهاء على أن الحكم السابق باق، وقالوا في قضية وجود البنت في الحجر: إنه جريٌ على الغالب فلا مفهوم له، أي لا يستنبط منه حكم المفهوم، وذلك لأن غالب الربيبة خصوصا إذا كانت صغيرة في عامي الرضاعة فإنها تكون في حجر أمها غالبا. فهذا ما عليه الجمهور من الفقهاء السبعة والأئمة الأربعة، وقد شذ عن ذلك أهل الظاهر من مذهب داود وأصحابه واختاره ابن حزم، فأفتوا بجواز نكاح الربيبة إذا لم تكن في الحجر إذا ماتت أمها أو طلقها طلاقا بائنا، قال ابن كثير في تفسيره للآية السابقة: ((حكى لي شيخنا الحافظ الذهبي رحمه الله أنه عرض هذا على الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله، فاستشكله وتوقف في ذلك))(2) اهـ. قال: ((وليس لهم دليل على ذلك إلا حديثا خرجه ابن أبي حاتم بسنده إلى مالك بن أوس بن الحدثان قال: ((كانت عندي امرأة، فتوفيت وقد ولدت لي، فوجدت عليها فلقيني عليُّ ين أبي طالب كرم الله وجهه. فقال مَا لَكَ:؟ قال: توفيت المرأة. فقال عليٌّ: لها ابنة ؟ فقلت: نعم وهي بالطائف. قال: كانت في حجرك ؟ قلت: لا هي بالطائف. قال: فانكحها. قلت: فأين قول الله تعالى:"ور بائبكم" الآية ؟ قال: إنها لم تكن في حجرك، إنما ذلك إذا كانت في حجرك)). قال ابن كثير في إسناد هذا الأثر: ((وهذا الإسناد قوي ثابت عن علي بن أبي طالب على شرط مسلم، وهو قول غريب جدا))(3) اهـ. قلت (4):وهو مع قوته ـ كما قال ابن كثير ـ فإنه مخالف للجمهور الذين أفتوا بالتحريم، فمثله مثل حديث صحيح خالف ما هو أقوى منه، إذ لا يحمل اتفاق الأمة على الضلالة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تجتمع أمتي على ضلالة"(5)، فهو بهذا الاعتبار شاذ لا يصح العمل به، والله أعلم. ------------------------ (1) سورة النساء/23. (2) انظر تفسير ابن كثير (2/238). (3) تفسير ابن كثير (2/238). (4) صاحب هذه الفتاوى. (5) للحديث طرق مختلفة، وقد أخرجه جماعة من أهل العلم منهم: أبو داود [كتاب الفتن والملاحم/باب ذكر الفتن ودلائلها]، (4/98)، رقم 4253.
الصنف