10-04-2004
سائل - الجزائر
الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف
السؤال:
ما حكم التزوج بربيبة الأب ؟
الجـواب:
حرمة نكاح الربيبة مقصورة على المتزوج بأمها لقوله سبحانه: "ور بائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن"(1)، وأما غيره من الأبناء والآباء فلا يحرم عليم نكاح الربيبة المذكورة، اللهم إلا إذا تزوج الأب بأمها وهي في حولي الرضاعة، فإنها تكون زيادة على كونها ربيبته ابنته من اللبن لأن اللبن للفحل، وبه تكون الربيبة التي كانت في حولي الرضاعة ابنة زوج أمها من الرضاعة وتحرم على محارمه كابنه وأبيه وأخيه وعمه، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد والأوزاعي، وهو مذهب علي وابن عباس، وإن خالفهم آخرون ولم يروا التحريم بذلك وهم عائشة وابن الزبير وابن عمر. وسبب اختلافهم هذا ناشئ عن اختلافهم في فهم ظاهر الكتاب، ومعارضة السنة له. أما الكتاب فقوله تعالى: "و أخواتكم من الرضاعة" (2)، وأما السنة فما أخبرت به عائشة رضي الله عنها قالت: "جاء أفلح أخو أبي القعيس يستأذن عَلَيَّ بعد أن أنزل الحجاب فأبيت أن آذن له، وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه عمك فأذني له فقلت: يا رسول الله إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل. فقال: إنه عمك فليلج عليك"(3). فمن رأى أن ما في الحديث شيء زائد على ما في الكتاب قال: لبن الفحل يحرم. ومن رأى أن آية الرضاع وهي: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة"(4)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة"(5) إنما ورد على جهة التأصيل لحكم الرضاع إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.. قال: إن عملنا بمقتضي الحديث السابق أوجب أن يكون ناسخا لهذه الأصول، لأن الزيادة المغيرة للحكم ناسخة، مع أن عائشة لم يكن مذهبها التحريم بلبن الفحل، ويصعب رد الأصول المنتشرة والبيان عن وقت الحاجة بالأحاديث النادرة، وبخاصة التي تكون في عين، ولذلك قال عمر رضي الله عنه في حديث فاطمة بنت قيس: ((لا نترك كتاب الله لحديث امرأة)).اهـ من بداية ابن رشد بتصرف(6). والله الهادي. --------------------------- (1) سورة النساء/23. (2) سورة النساء/23. (3) أخرجه البخاري (9/249) [كتاب النكاح/باب ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء]، رقم 5239. ومسلم (2/1070) [كتاب الرضاع/باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل]، رقم 1445/7 والإمام مالك في الموطأ (2/601 ـ 602) [كتاب الرضاع/باب رضاعة الصغير]، رقم 2. (4) سورة البقرة/233. (5) سبق تخريجه في الجواب عن السؤال "حكم التزوج بالمتبناة". (6) انظر: بداية المجتهد لابن رشد الحفيد (2/38).
الصنف