03-04-2004
سائل - الجزائر
المفـتي:الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف
السؤال:
ما يمنع منه المحدث؟
الجـواب:
الحدث أصغر وأكبر. فالأول يمنع الصلاةَ، والطوافَ، ومسَّ المصحف(1)، دون دخول المسجد وقراءة القرآن ظاهرا. والثاني يمنع الجميع. ولا يخفي أن الحدث الأصغر يرتفع بالوضوء، و الأحداث التي تمنع ما ذكر إلى أن ترفع بالوضوء هي: البول، والغائط، والريح، ومس الذكر بباطن الكف أو بجنب الأصابع، ولمس من يلتذ به غالبا إن قصد أو وجد، والقبلة في الفم مطلقا، والقبلة فيما عدا الفم وهي تجري مجرى اللمس في الحكم، وإلطاف المرأة وهو إدخال أصبعها بين شفري فرجها، والشك في الحدث، والردة، وخروج المذي، وهذا يجب مع الوضوء منه غسل قضبة الذكر، وخروج الودي وهو ماء أبيض يخرج عقب البول غالبا، والسلس الذي يأتي في أقل الزمن ويفارق في أكثر الزمن، والنوم الثقيل ولو قليلا وهو الذي يسقط معه الرأس أو تنحل به الحبوة، والسكر، والإغماء، والجنون. فهذه توجب الوضوء، وتمنع الصلاة والطواف ومس المصحف إلى حين ترفع بالوضوء. وأما الحدث الأكبر فيمنع ما ذكر مع زيادة قراءة القرآن ظاهرا، ودخول المسجد إلى حين الغسل للجسد كله بالماء الطهور، وهو الذي لم يخالطه شيء أجنبي عنه كالزيت والبول. والذي يوجب الغسل هو خروج المني بلذة معتادة في اليقظة، وخروجه في النوم مطلقا وهو ما يسمى بالاحتلام، والتقاء الختانين وهو كناية عن الإيلاج، والحيض والنفاس يعني الطهارة منهما، وذلك إما بالجفوف وإما بنزول القصة البيضاء وهي ماء أبيض كالجير يخرج عقب دم الحيض والنفاس علامة على طهر المرأة منه، والموت ماعدا شهيد الحرب، فهذه خمسة توجب غسل الجسد كله، قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين"(2)، وهذا في رفع الحدث الأصغر، وقال: "وإن كنتم جنبا فاطهروا"(3). وهذا في رفع الحدث الأكبر. والتطهر هو غسل الجسد كله، وقال تعالى: "ويسألونكـ عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض. ولا تقر بـوهن حتى يطهرن، فإذا تطهرن فآتوهن من حيث أمركم الله"(4)، ولما ثبت في كتب السنن من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن"(5)، وقد استثنى الفقهاء مس الجزء من المصحف للمعلم والمتعلم للضرورة، وأما الطواف فقد قال فيه صلى الله عليه وسلم: "الطواف بالبيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير"(6) أو كما قال. والله أعلم --------------- (1) لما جاء في الموطأ عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا، وكان فيه: "لا يمس القرآن إلا طاهر" انظر: نيل الأوطار للشوكاني (9/40). أخرجه الإمام مالك في الموطأ (1/199) [كتاب القرآن/باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن]، رقم 1. والحاكم في المستدرك [كتاب معرفة الصحابة]، (3/485) وقال صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. والبيهقي في السنن الكبرى [كتاب الطهارة] (1/88). (2) سورة المائدة/6. (3) سورة المائدة/7. (4) سورة البقرة/220. (5) أخرجه أبو داود (1/59) [كتاب الطهارة/باب الجنب يقرأ القرآن]، رقم 229. والترمذي (1/236) [كتاب أبواب الطهارة/باب ما جاء في الحائض والجنب لا يقرأ القرآن]، رقم 131. والنسائي (1/157 ـ 158) [كتاب الطهارة/باب حجب الجنب من قراءة القرآن]، رقم 265 ـ 266. وابن ماجه (1/195) [كتاب الطهارة وسننها/باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة]، رقم 595. (6) أخرجه الترمذي (3/293) [كتاب الحج/باب ما جاء في الكلام في الطواف]، رقم 960. والنسائي (5/244 ـ 245) [كتاب المناسك/باب الكلام في الطواف]، رقم 2922، 2923. والحاكم في المستدرك [كتاب المناسك] (1/459)، و[كتاب التفسير] (2/267). وابن خزيمة [كتاب المناسك/باب الرخصة في التكلم بالخير في الطواف والزجر عن الكلام]، (4/222)، رقم 2739 وابن حبان (9/143 ـ 144) [كتاب الحج/باب ذكر الإخبار عن إباحة الكلام للطائف حول البيت]، رقم 3836.
الصنف